اختير الكسر للنون بعد الألف مع العمل بأصل تحريك الساكن والفتح له بعد أختيها مع الاجتناب عن الجمع بين الكسر وبينهما وحيث كان يجب اعتبار الرفع ابتداء على ما سبق عين له وأما الجزم فلما لم يكن في إعراب أصله الذي هو متطفل عليه بحكم المضارعة جعل كأن ليس بإعراب فلم يتكلف له عند فواته حرف يقوم مقامه هذا على أن حقه هو الترك فوفيه بذلك، ثم لما كان الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء وكانت لهذه الأمثلة صورة التثنية والجمع أتبعه النصب هنا إتباعه الجر هناك طلبا للتشاكل بين الأصل والفرع. وأما النقصان وذلك في جزمه عند اعتلال الآخر فمن حيث إن الحزم لما تقدم النصب في الاعتبار كما سبق آنفا لم يكن وروده إلا على المرفوع وقد عرفت أن الفعل حال اعتلال الآخر في الرفع لا يكون متحركا وإذا ورد ومن شأنه حذف الحركة ثم لا يجد حركة يحذفها حذف المعتل لما بينه وبينها من الاتحاد.
[الفصل الثامن]
[في علة عمل الحروف العاملة]
[وكيفية اختلافها في ذلك]
ونحن على أن نختصر الكلام فنقول أما الجارة فإنما عملت في الأسماء للزومها إياها فكل ما لزم شيئاً وهو خارج عن حقيقته أثر فيه وغيره غالبا بشهادة الاستقراء وكان عملها الجر اللازم للأسماء ليدخل وصف العمل في وصف العامل بحكم المناسبة وهو بعينه الكلام في التي تجزم المضارع وأما العذر عن حرف التعريف وحرفي الاستقبال فالأقرب هو أن الاسم لشدة احتياجه على التعريف لامتناع خروجه في الاستعمال عن التعريف والتنكير جرى حرف التعريف منه مجرى بعض أجزائه وعلى هذا حرفا الاستقبال ومدار كلام أبي سعيد السيرافي رحمه الله في هذا على ما ذكرت. وأما الناصبة للأسماء فعملت لمعنى اللزوم والنصب