اعلم أن النوع الباحث عن هذا القبيل يسمى علم العروض، وما أهم السلف فيه إلا تتبع الأوزان التي عليها أشعار العرب، فلا يظنن أحد الفضول عندهم في الباب من ضم زيادة على ما حصروه ليست في كلام العرب فضلا على الإمام الخليل بن أحمد، ذلك البحر الزاخر مخترع هذا النوع، وعلى أئمة المغترفين منه من العلماء المتقدمين به في ذلك رضوان الله عليهم أجمعين، وإلا فمن أنبأ لهم لم يكونوا يرون الزيادة على التي حصروها من حيث الوزن مستقيمة والزيادة عليها تنادى بأرفع صوت:
لقد وجدت مكان القول ذا سعة ... فإن وجدت لسانا قائلا فقل
لا للطبع المستقيم أن يزيد عليها شيئاً، ولا حاكم في هذه الصناعة إلا استقامة الطبع وتفاوت الطباع في شأنها معلوم، وهي المعلم الأول المستغنى عن التعلم، فاعرف وإياك إن نقل إليك وزن منسوب على العرب لا تراه في الحصر أن تعد فواته قصورا في المخترع فلعله تعمد إهماله لجهة من الجهات أو أي نقيصه في أن يفوته شيء هو في زاوية من زوايا النقل لا زوايا العقل، على أنه إن عد قصورا كان العيب فيه لمقدمي عهده حيث لم يهيئوا لأمام مثله ما يتم له المطلوب من مجرد نقل الرواة ومجرد الاستظهار بذلك، اللهم صبرا.