اعلم أن القصر كما يجري بين المبتدأ والخبر فيقصر المبتدأ تارة على الخبر والخبر على المبتدأ أخرى، يجري بين الفعل والفاعل والمفعول وبين الفاعل والمفعول وبين المفعولين وبين الحال وذي الحال وبين كل طرفين، وأنت إذا أتقنته في موضع ملكت الحكم في الباقي ويكفيك مجرد التنبيه هناك وحاصل معنى القصر راجع على تخصيص الموصوف عند السامع بوصف دون ثان كقولك: زيد شاعر لا منجم لمن يعتقده شاعرا ومنجما أو قولك زيد قائم لا قاعد لمن يتوهم على أحد الوصفين من غير ترجيح، ويسمى هذا قصر إفراد بمعنى أنه يزيل شركة الثاني أو بوصف مكان آخر كقولك لمن يعتقد منجما لا شاعرا: ما زيد منجم بل شاعر أو زيد شاعر لا منجم ويسمى هذا قصر قلب بمعنى أن المتكلم يقلب فيه حكم السامع، أو على تخصيص الوصف بموصوف قصر أفراد كقولك ما شاعر إلا زيد لمن يعتقد شاعرا لكن يدعى شاعرا آخر أو قولك ما قائم إلا زيد لمن يعتقد قائمين أو أكثر في جهة من الجهات معينة أو قصر قلب كقولك: ما شاعر إلا زيد لمن يعتقد أن شاعرا في قبيلة معينة أو طرف معين لكنه يقول ما زيد هناك بشاعر. وللقصر طرق أربعة أحدها طريق العطف كما تقول في قصر الموصوف على الصفة إفرادا أو قلباً بحسب مقام السامع زيد شاعر لا منجم وما زيد منجم بل شاعر وفي قصر الصفة على الموصوف بالاعتبارين ما عمرو شاعر بل زيد أو زيد شاعر لا عمرو أولا غير بتقدير لا غير زيد إلا أنك تترك الإضافة لدلالة الحال وتبني غيرا بالضم على بناء الغايات أو ليس غيرا وليس إلا بتقدير ليس شاعر غير المذكور أو إلا المذكور فتجعل النفي عاما ليتناول كل شاعر يعتقد ممن عدا زيداً. والفرق بين قصر الموصوف على الصفة وقصر الصفة على الموصوف واضح، فإن الموصوف في الأول لا يمتنع أن يشاركه غيره في الوصف ويمتنع في الثاني وأن الوصف في الثاني يمتنع أن يكون لغير الموصوف ولا يمتنع في الأول. وثانيها النفي والاستثناء كما تقول في قصر الموصوف على الصفة