أي غيثا من المجازات المنتقل فيها عن اللازم على الملزوم فمنخرط في سلك رعينا الغيث وفصل ترجيح المجاز على الحقيقة والكناية على التصريح إذا انتهينا إليه يطلعك على كيفية انخراطه في سلكه بإذن الله تعالى، والمطلوب بهذا التكلف هو الضبط فاعلم وأن الكناية ينتقل فيها من اللازم على الملزوم كما تقول فلان طويل النجاد، والمراد طول القامة الذي هو ملزوم طول النجاد فلا يصار على جعل النجاد طويلا أو قصيرا إلا لكون القامة طويلة أو قصيرة فلا علينا أن نتخذهما أصلين وإذ لا يخفى أن طريق الانتقال من الملزوم على اللازم طريق واضح بنفسه ووضوح طريق الانتقال من اللازم على الملزوم إنما هو بالغير وهو العلم بكون اللازم مساويا للملزوم أو أخص منه فلا عتب في تأخير الكناية لكونها بالنظر على هذه الجهة نازلة من المجاز منزلة المركب من المفرد، ثم إن من المجاز أعني الاستعارة من حيث أنها من فروع التشبيه كما ستقف عليه لا تتحقق بمجرد حصول الانتقال من الملزوم على اللازم بل لا بد فيها من تقدمة تشبيه شيء بذلك الملزوم في لازم له تستدعي تقديم التعرض للتشبيه فلا بد من أن نأخذه أصلاً ثالثا ونقدمه فهو الذي إذا مهرت فيه ملكت زمام التدرب في فنون السحر البياني.