مثلا في مفهوم البيت ويسمى هذا دلالة التضمن ودلالة عقلية أيضا أو خارجا عنه كالحائط عن مفهوم السقف وتسمى هذه دلالة الالتزام ودلالة عقلية أيضاً ولا يحب في ذلك التعلق أن يكون مما يثبته العقل بل إن كان مما يثبته اعتقاد المخاطب إما لعرف أو لغير عرف أمكن المتكلم أن يطمع من مخاطبه ذلك في صحة أن ينتقل ذهنه من المفهوم الأصلي على الآخر بواسطة ذلك التعلق بينهما في اعتقاده، وإذا عرفت أن إيراد المعنى الواحد على صور مختلفة لا يتأتى إلا في الدلالات العقلية وهي الانتقال من معنى على معنى بسبب علاقة بينهما كلزوم أحدهما الآخر بوجه من الوجوه ظهر لك أن علم البيان مرجعه اعتبار الملازمات بين المعاني، ثم إذا عرفت أن اللزوم إذا تصور بين الشيئين فإما أن يكون من الجانبين كالذي بين الأمام والخلف بحكم العقل أو بين طول القامة وبين طول النجاد بحكم الاعتقاد أو من جانب واحد كالذي بين العلم والحياة بحكم العقل أو بين الأسد والجراءة بحكم الاعتقاد ظهر لك أن مرجع علم البيان اعتبار هاتين الجهتين جهة الانتقال من ملزوم على لازم وجهة الانتقال من لازم على ملزوم ولا يربك بظاهره الانتقال من أحد لازمي الشيء على الآخر مثل ما إذا انتقل من بياض الثلج على البرودة فمرجعه ما ذكر ينتقل من البياض على الثلج ثم من الثلج على البرودة فتأمل، وإذا ظهر لك أن مرجع علم البيان هاتان الجهتان علمت انصباب علم البيان على التعرض للمجاز والكناية فإن المجاز ينتقل فيه من الملزوم على اللازم كما تقول رعينا غيثا، والمراد لازمه وهو النبت، وقد سبق أن اللزوم لا يجب أن يكون عقلياً بل إن كان اعتقادياً إما لعرف أو لغير عرف صح البناء عليه. وأما نحو قولك أمطرت السماء نباتا: