سننها المسلوك عند طوارق النوائب وبوارق المصائب فحين لم تفعل شككته في أنها نفسه فأقامها مقام مكروب ذي حرق قائلا له تطاول ليلك مسليا وفي التفاته الثاني على أن المتحزن تحزن تحزن صدق ولذلك لا يتفاوت الحال خاطبتك أم لم أخاطبك وفي التفاته الثالث على أن جميع ذلك إنما كان لما خصه ولم يتعداه على من سواه أو نبه في التفاته الأول على أن ذلك النبأ أطار قلبه وأبار لبه وتركه حائرا فما فطن معه لمقتضى الحال من الحكاية فجرى على لسانه ما كان ألفه من الخطاب الدائر في مجاري أمور الكبار أمراً ونهيا والإنسان إذا دهمه ما تحار له العقول وتطير له الألباب وتدهش معه الفطن لا يكاد يسلم كلامه عن أمثال ذلك وفي التفاته الثاني على أنه بعد الصدمة الأولى حين أفاق شيئاً مدركا بعض الإدراك ما وجد النفس معه فبنى الكلام على الغيبة قائلا وبات وباتت له وفي التفاته الثالث على ما سبق أونبه في التفاته الأول على أن نفسه حين لم تتثبت ولم تتبصر غاظه ذلك فأقامها مقام المستحق للعتاب قائلا له على سبيل التوبيخ والتعيير تطاول ليلك وفي الثاني على أن الحامل على الخطاب والعتاب لما كان هو الغيظ والغضب فحين سكت عنه الغضب بالعتاب الأول فإن سورة الغضب بالعتاب تنكسر ولي عنها الوجه وهو يدمدم قائلا وبات وباتت له وفي التفاته الثالث على ما تقدم وإنما ذكرت لك ما ذكرت لنقف على أن الفحول البزل لا يعترفون بالبلاغة لامرئ ولا يقيمون لكلامه وزنا ما لم يعثروا من مطاوى افتناناته على لطائف اعتبارات والتفاضل بين الكلامين قلما يقع إلا بأشباهها.
واعلم أن لطائف الاعتبارات المرفوعة لك في هذا الفن من تلك المطامح النازحة من مقامك لا تثبتها حق إثباتها ما لم تمتر بصيرتك في الاستشراف لما هبا لك أطباء المجهود ولم تختلف في السعي للتنقير عنها وراءك كل حد معهود ماذا بضبعك صدق همة تبطش في متوخاك بباع بسيط أن لا تزل عن مرمى غرضك ولو مقدار فسيط مستظهرا في طماعيتك