موقوف على التعرض لتراكيبه ضرورة لكن لا يخفى عليك حال التعرض لها منتشرة فيجب المصير على إيرادها تحت الضبط بتعيين ما هو أصل لها وسابق في الاعتبار ثم حمل ما عدا شيئاً ف شيئاً على موجب المساق والسابعة في الاعتبار في كلام العرب شيئاًن الخبر والطلب المنحصر بحكم الاستقراء في الأبواب الخمسة التي يأتيك ذكرها، وما سوى ذلك نتائج امتناع إجراء الكلام على الأصل، وعساك فيما ترى أن تقتحمه عيناك لكنك إذا اجتليته أو أن كشف القناع عنه وجدت من نفسك الشأن بخلافه فلنعينهما أعني الخبر والطلب لافتتاح الكلام لما نحن له، والله المستعان.
اعلم أن المعتنين بشأنهما فرقتان: فرقة تحوجهما على التعريف، وفرقة تغنيهما عن ذلك، واختيارنا قول هؤلاء. أما في الخبر فلأن كل أحد من العقلاء ممن لم يمارس الحدود والرسوم بل الصغار الذين لهما أدنى تمييز يعرفون الصادق والكاذب بدليل أنهم يصدقون أبدا في مقام التصديق ويكذبون أبدا في مقام التكذيب، فلولا أنهم عارفون للصادق والكاذب لما تأتي منهم ذلك، لكن العلم بالصادق والكاذب كما يشهد له عقلك موقوف على العلم بالخبر الصدق والخبر الكذب هذا والحدود التي تذكر كقولهم: الخبر هو الكلام المحتمل للصدق والكذب أو التصديق والتكذيب، وكقولهم هو الكلام المفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور على أمر من الأمور نفيا أو إثباتا بعد تعريفهم الكلام بأنه المنتظم من الحروف المسموعة المتميزة، وكقول من قال: هو المقتضى بصريحه نسبة معلوم على معلوم بالنفي أو الإثبات ليتها صلحت للتعويل، أما ترى الحد الأول حين عرف صاحبه الصدق بأنه الخبر عن الشيء على ما هو به والكذب بأنه الخبر عن الشيء لا على ما هو به كيف