وقد كان أنثها التكسير فأنث العدد ثم لما انتهى الأمر على اعتبار النسوة واستهجن إلغاء الفرق ومنع عن زيادة التاء الأخرى امتناع اجتماع علامتي التأنيث لزم حذف التاء وأمر آخر وهو لفظ الشيء يقع على كل مذكر ومؤنث ثم إنه لا يستعمل إلا مذكرا فلولا أن التذكير أصل لوقع التغليب للفرع ولخرج عن القياس والعجمة ثانية للغتهم العربية لطروئها عليها الطارئ على الشيء بعد المطروء عليه في بابه والعدل ثان للمعدول عنه وأمره ظاهر والجمع ثان للجنس من حيث أن الجمعية قيد للجنس ووجود الشيء من حيث هو مطلقا قبل وجوده من حيث هو مقيدا في باب الاعتبار والفعل الذي هو ثان للاسم لا بد من أن يكون وزنه المختص به ثانيا لوزن الاسم. وأما الألف والنون الزائدتان وألف الإلحاق فالأمر فيهما أبين والوصف والتركيب والعلمية أمرها على نحو أمر الجمع فمتى اجتمع في الاسم منها ما لا يقصر به عن أن يصير ثانيا باعتبارين وذلك بحصول اثنين منها أو الجمع أو ألف التأنيث وستعرف السر أشبه الفعل فيمنع منه التنوين لما ذكرنا، ولهذا ينتظر في منعه الخفيف من الأسماء خاصة كالثلاثي الساكن الحشو تقوي الشبه بازدياده مما يكسوه ذلك في اللغة الفصحى، وإذا علمت أن العلة في منع الصرف هي ما ذكرنا تنبهت للمعنى في جواز صرفه للشاعر المضطر وتنبهت أيضا للمعنى الذي لأجله شرطت منها اللائي عددنا بما شرطت وهو اكتسابها به قوة حال أو زيادة ظهور أو تحققا، ألا يرى أن المؤنث بالتاء إذا لم يكن كان للتاء من احتمال الانفصال ما لا يكون لها بعد العلمية وكم بين الشيء لازما وغير لازم، ومن هذا تتبين أن ألف التأنيث أقوى حالاً من التاء لأنها لا تنفصل عن الكلمة بحال وهو السبب عند أصحابنا رحمهم الله في أن أقيمت مقام اثنين، وأما نحو آخر عناق وعقرب فإنما سلك به مسلك التاء تفاديا مما في غير ذلك من ارتكاب خلاف قياس وهو جعل الفرع أقوى من الأصل لأنه فرع على التاء وإذا كانوا لا يسوغون التسوية بينه وبين التاء