للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما جرى مجرى هذا الاعتبار.

واعلم أن هذا النوع: أعني نقل الكلام عن الحكاية على الغيبة لا يختص المسند إليه ولا هذا القدر بل الحكاية والخطاب والغيبة ثلاثتها ينقل كل واحد منها على الآخر ويسمى هذا النقل التفاتا عند علماء علم المعاني والعرب يستنكرون منه ويرون الكلام إذا انتقل من أسلوب على أسلوب أدخل في القبول عند السامع وأحسن تطرية لنشاطه وأملأ باستدرار إصغائه وهم أحرياء بذلك أليس قرى الأضياف سجيتهم ونحر العشار للضيف دأبهم وهجيراهم لا مزقت أيدي الأدوار لهم أديما ولا أباحت لهم حريما أفتراهم يحسنون قرى الأشباح فيخالفون فيه بين لون ولون وطعم وطعم ولا يحسنون قرى الأرواح فلا يخالفون فيه بين أسلوب وأسلوب وإيراد وإيراد فإن الكلام المفيد عند الإنسان لكن بالمعنى لا بالصورة أشهى غذاء لروحه وأطيب قرى لها. قال ربيعة بن مقروم:

بانت سعاد فأمسى القلب معمودا ... وأخلفتك ابنة الحر المواعيدا

فالتفت كما ترى حيث لم يقل وأخلفتني ثم قال:

ما لم ألاق أمراً جزلا مواهبه ... سهل الفناء رحيب الباع محمودا

وقد سمعت بقوم يحمدون فلم ... أسمع بمثلك لا حلما ولا جودا

فالتفت كما ترى حيث لم يقل بمثله وقال:

تذكرت والذكرى تهيجك زينبا ... وأصبح باقي وصلها قد تقضبا

وحل بفلج والأباتر أهلنا ... وشطت فحلت غمرة فمثقبا

فالتفت في البيتين. وقال عوف بن الأحوص:

<<  <   >  >>