للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو أن يكون المراد بتقديمه نوع تشويق على ذكر المسند كقوله:

ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو اسحق والقمر

وقوله:

وكالنار الحياة فمن رماد ... أواخرها وأولها دخان

وحق هذا الاعتبار تطويل الكلام في المسند وإلا لم يحسن ذلك الحسن، أو يكون المراد بالجملة إفادة التجدد دون الثبوت فيجعل المسند فعلا ويقدم ألبتة على ما يسند إليه في الدرجة الأولى وقولي في الدرجة الأولى احتراز عن نحو أنا عرفت وأنت عرفت وزيد عرف، فإن الفعل فيه يستند على ما بعده من الضمير ابتداء ثم بوساطة عود ذلك الضمير على ما قبله يستند إليه في الدرجة الثانية وإذا سلكت هذه الطريقة سلكت باعتبارين مختلفين أحدهما أن يجري الكلام على الظاهر وهو أن أنا مبتدأ وعرفت خبره، وكذلك أنت عرفت وهو عرف ولا يقدر تقديم وتأخير كما إذا قلنا زيد عارف أو زيد عرف اللهم إلا في التلفظ. وثانيهما أن يقدر أصل النظم عرفت أنا وعرفت أنت وعرف هو، ثم يقال قدم أنا وأنت وهو فنظم الكلام بالاعتبار الأول لا يفيد إلا تقوي الحكم وسبب تقويه هو أن المبتدأ لكونه مبتدأ يستدعي أن يسند إليه شيء فإذا جاء بعده ما يصلح أن يستند إليه صرفه المبتدأ على نفسه فينعقد بينهما حكم سواء كان خاليا عن ضمير المبتدأ نحو غلامك أو كان متضمنا له نحو أنا عرفت وأنت عرفت وهو عرف أو زيد عرف، ثم إذا كان متضمنا لضميره صرفه ذلك الضمير على المبتدأ ثانيا فيكتسي الحكم قوة، فإذا قلت هو يعطى الجزيل كان المرد تحقيق إعطائه الجزيل عند السامع دون تخصيص إعطاء الجزيل به وعليه قوله عز وعلا

<<  <   >  >>