للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم " المراد لا يعلمهم إلا الله ولا يطلع على أسرارهم غيره لإبطانهم الكفر في سويداوات قلوبهم، وسيأتيك بيانه في فصل التقديم والتأخير ونظير قولنا أنا عرفت في اعتبار الابتداء لكن على سبيل القطع قولك زيد عرفت أو عرفته وفي اعتبار التقديم عرفت، الرفع يفيد تحقيق أنك عرفت والنصب يفيد أنك خصصت بالعرفان، وأما عرفته فأنت بالخيار إن شئت قدرت المفسر قبل المنصوب على نحو عرفت عرفته وحملته على باب التأكيد وإن شئت قدرته بعده على نحو عرفت عرفته وحملته على باب التخصيص، وأما نحو قوله " وأما ثمود فهديناهم " فيمن قرأ بالنصب فليس إلا التخصيص لامتناع أما فهدينا ثمود وأما نحو زيد عرف ورجل عرف فليسا من قبيل هو عرف في احتمال الاعتبارين على السواء بل حق المعرف حمله على وجه تقوى الحكم وحق النكر حمله على وجه التخصيص، وإنما افترق الحكم بين الصور الثلاث لأنه إذا قلنا عرف هو لم يكن هو فاعلا لما عرف في علم النحو أن ضمير الفاعل لا ينفصل إلا إذا جرى الفعل على غير ما هو له في موضع الإلباس وإذا تقدم عليها إلا صورة كنحو ما ضرب إلا هو أو معنى كنحو إنما يدافع عنك أنا إذ المعنى لا يدافع عنك إلا أنا وإذا لم يكن هو فاعلا احتمل التقديم على الفعل فإذا قلنا هو عرف كان له ذلك الاحتمال مع احتمال الابتداء لكونه في موضعه وكونه مع ذلك على شرطه في قوة الفائدة بالإخبار عنه وهو تعرفه وإذا قلنا عرف زيد كان زيد مرفوعا بعرف لقلة نظائر وأسروا النجوى الذين ظلموا

وحينئذ لا يكون له احتمال التقدم على الفعل كما سبق في علم النحو فلا يكون لقولنا زيد عرف غير احتمال الابتداء اللهم إلا بذلك الوجه البعيد فلا يرتكب عند المعرف لكونه على شرط المبتدأ وإنما يرتكب عند المنكر لفوات الشرط إذ لم يمنع عن التخصيص مانع كما إذا قلت رجل جاء لصحة أن يراد الجائي رجل لا امرأة أيها السامع دون قولهم شر أهر ذاناب لامتناع أن يراد المهر الذي ناب شر لا خير، اللهم إلا إذا حملت التخصيص على وجه آخر وهو الإفراد على تقدير رجل جاء لا رجلان فإنه محمل يصار إليه كثيراً عند علماء هذا النوع وشر أهر ذا ناب لا شران لكن بهذا الوجه يكون نابيا عن مظان استعماله وإذا صرح الأئمة رحمهم الله بتخصيصه حيث تأولوه بما أهر ذاناب إلا شر، فالوجه تفظيع شأن الشر بتنكيره كما سبق فهو محزه ولما عرفت من أن بناء الفعل على المبتدأ أقوى للحكم تراهم إذا استعملوا لفظ المثل ولفظ الغير بطريق الكناية نحو مثلك لا يبخل: أي أنك لا تبخل وغيرك لا يجود بمعنى أنت تجود من غير إرادة التعريض بلفظي المثل والغير على إنسانين يقصد إليهما لا يكادون يتركون تقديمها لكونه أعون للمعنى المراد بهما إذ ذاك ويتحقق هذا في علم البيان إن شاء الله تعالى. نئذ لا يكون له احتمال التقدم على

<<  <   >  >>