" إن الذين كفروا " حديثا عن الكفار وعن تصميمهم في كفرهم والفصل لازم للانقطاع لأن الواو كما عرفت معناه الجمع فالعطف بالواو في مثله يبرز في معرض التوخي للجمع بين الضب والنون ولذلك متى قال قائل زيد منطلق ودرجات الحمل ثلاثون وكم الخليفة في غاية الطول وما أحوجني على الاستفراغ وأهل الروم نصارى وفي عين الذباب جحوظ وكان جالينوس ماهرا في الطب وختم القرآن في التراويح سنة وإن القرد لشبيه بالآدمي فعطف أخرج من زمرة العقلاء وسجل عليه بكمال السخافة أو عد مسخرة من المساخر واستطرف نسقه هذا على غاية ربما استودع دفاتر المضاحك وسفين نوادر الهذيان بخلافه إذا ترك العطف ورمى بالجمل رمى الحصا والجوز من غير طلب ائتلاف بينها فالخطب إذن يهون هونا ما، ومن هنا عابوا أبا تمام في قوله:
لا والذي هو عالم أن النوى ... صبر وأن أبا الحسين كريم
حيث تعاطى الجمع بين مرارة النوى وكرم أبي الحسين، ومن أمثلة التوسط ما نتلو من قوله تعالى " يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها " وقوله " إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم " وغير ذلك.
واعلم أن الوصل من محسناته أن تكون الجملتان متناسبتان ككونهما اسميتين ككونهما اسميتين أو فعليتين وما شاكل ذلك فإذا كان المراد من الأخبار مجرد نسبة الخبر على المخبر عنه من غير التعرض لقيد زائد كالتجدد والثبوت وغير ذلك لزم أن تراعي ذلك فتقول قام زيد وقعد عمرو