والتفصيل ألا تراك إذا قلت نعم الرجل مريدا باللام الجنس دون العهد كيف توجه المدح على زيد أولا على سبيل الإجمال لكونه من أفراد ذلك الجنس وإذا قلت نعم رجلا فأضمرته من غير ذكر له سابق وفسرته باسم جنسه ثم إذا قلت زيد كيف توجهه إليه ثانيا على سبيل التفصيل وأن هذا الباب متضمن للطائف فيه من الإطناب الواقع في موقعه ما ترى وفيه تقدير السؤال وبناء المخصوص عليه يقدر بعد نعم الرجل أو نعم رجلا من هو ويبني عليه زيد: أي هو زيد وقد عرفت فيما سبق لطف هذا النوع وفيه اختصار من جهة وهو ترك المبتدأ في الجواب، ولا يخفى حسن موقعه ولو لم يكن فيه شيء سوى أنه يبرز الكلام في معرض الاعتدال نظرا على إطنابه من وجه وعلى اختصاره من آخر أوإيهامه الجمع بين المتنافيين مثله في جمعه بين الإجمال والتفصيل فمبنى السحر الكلامي الذي يقرع سمعك على أمثال ذلك لكفى، وقد أطلعناك على كيفية التعرض بجهات الحسن ففتش عنها تر الباب مشحونا بجهات وكنت المرجوع إليه في اختيار المختار من أقوال النحويين في الباب كقول من يرى المخصوص مبتدأ والفعل مع الذي يليه خبرا مقدما وقول من يرى المخصوص خبرا لمبتدأ محذوف على ما رأيت وقول من لا يرى اللام في الفاعل إلا للجنس وقول من لا يأبى كونها لتعريف العهد.
واعلم أن باب التمييز كله سواء كان عن مفرد أو عن جملة باب مزال عن أصله لتوخي الإجمال والتفصيل، ألا تراك تجد الأمثلة الواردة من نحو عندي منوان سمنا وعشرون درهما وملء الإناء