للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمعونة قرائن الأحوال فيقال ما هذا ومن هذا لمجرد الاستخفاف والتحقير ومالي للتعجب. قال تعالى حكاية عن سليمان " مالي لا أرى الهدهد " وأي رجل هو للتعجب وأيما رجل وكم دعوتك للاستبطاء وكم تدعوني للإنكار وكم أحلم للتهديد وكيف تؤذي أباك للإنكار والتعجب والتوبيخ، وعليه قوله تعالى " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم " بمعنى التعجب، ووجه تحقيق ذلك هو أن الكفار في حين صدور الكفر منهم لا بد من أن يكونوا على إحدى الحالين إما عالمين بالله وإما جاهلين به فلا ثالثة فإذا قيل لهم كيف تكفرون بالله وقد علمت أن كيف للسؤال عن الحال وللكفر مزيد اختصاص بالعلم بالصانع وبالجهل به انساق على ذلك فأفاد أفي حال العلم بالله تكفرون أم في حال الجهل به ثم إذا قيد كيف تكفرون بالله بقوله " وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم " وصار المعنى كيف تكفرون بالله والحال حال علم بهذه القصة، وهي إن كنتم أمواتا فصرتم أحياء وسيكون كذا وكذا صير الكفر أبعد شيء عن العاقل فصار وجوده منه مظنة التعجب، ووجه بعده هو أن هذه الحالة تأبى أن لا يكون للعاقل علم بأن له صانعا قادرا عالما حيا سميعا بصيرا موحوداً غنيا في جميع ذلك عن سواه، قديما غير جسم ولا عرض، حكيما خالقا منعما مكلفا، مرسلا للرسل باعثا مثيبا معاقبا، وعلمه بأن له هذا الصانع يأبى أن يكفر، وصدور الفعل عن القادر مع الصارف القوي مظنة تعجب وتعجيب وإنكارا وتوبيخ فصح أن يكون قوله تعالى " كيف تكفرون " على آخر الآية تعجبا وتعجيبا وإنكارا وتوبيخا، وكذلك يقال أين مغيثك للتوبيخ والتقريع والإنكار

<<  <   >  >>