الواحد إما أن يكون في حكم الواحد لكونه إما حقيقة ملتئمة، وإما أوصافا مقصودا من مجموعها على هيئة واحدة أو لا يكون في حكم الواحد فهذه أقسام ثلاثة. أما الأول فإما أن يكون حسيا أو عقليا ولا بد للحسي من أن يكون طرفاه حسيين لامتناع إدراك الحس من غير المحسوس جهة دون العقلي فإنه يعم أنواع الطرفين الأربعة المذكورة لصحة إدراك العقل من المحسوس جهة ولذلك تسمع علماء هذا الفن رضوان الله عليهم أجمعين يقولون التشبيه بالوجه العقلي أعم من التشبيه بالوجه الحسي فالحسي كالخد إذا شبه بالورد في الحمرة وكالصوت الضعيف إذا شبه بالهمس في الخفاء وكالنكهة إذا شبهت بالعنبر في طيب الرائحة وكالريق إذا شبه بالخمر في لذة الطعم على زعم القوم وكالجلد الناعم إذا شبه بالحرير في لين المس. وههنا نكتة لا بد من التنبيه لها وهي أن التحقيق في وجه الشبه يأبى أن يكون غير عقلي وذلك أنه متى كان حسيا وقد عرفت أنه يجب أن يكون موحوداً في الطرفين وكل موجود فله تعين فوجه الشبه مع المشبه متعين فيمتنع أن يكون هو بعينه موحوداً مع المشبه به لامتناع حصول المحسوس المعين ههنا مع كونه بعينه هناك بحكم ضرورة العقل وبحكم التنبيه على امتناعه إن شئت وهو استلزامه إذا عدمت حمرة الخد دون حمرة الورد أو بالعكس كون الحمرة معدومة موجودة معا وهكذا في أخواتها بل يكون مثله مع المشبه به لكن المثلين لا يكونان شيئاً واحداً ووجه الشبه بين الطرفين كما عرفت واحد فيلزم أن يكون أمراً كليا مأخوذا من المثلين بتجريدهما عن التعين لكن ما هذا شأنه فهو عقلي ويمتنع أن يقال فالمراد بوجه الشبه حصول المثلين في الطرفين فإن المثلين متشابهان فمعهما وجه تشبيه