اللفظ بين متنافيين كالناهل للعطشان وللريان على ما تسمعه من الأصحاب لا مني لما تقدم لي أن تذكرت وكالجون للأسود والأبيض وكالقرء للحيض والطهر وأمثالها لاستلزامه ثبوت المعنى مع انتفائه متى قلت هو ناهل أو جون ووجوه فساده أظهر من أن تخفى وأكثر من أن تحصى مادام محمولا على الظاهر ولكن الذي يدور في خلدي أنه رمز وكأنه تنبيه على ما عليه أئمة علمي الاشتقاق والتصريف أن للحروف في أنفسها خواص بها تختلف كالجهر والهمس والشدة والرخاوة والتوسط بينهما وغير ذلك مستدعية في حق المحيط بها علما أن لا يسوي بينها وإذا أخذ في تعيين شيء منها لمعنى أن لا يهمل التناسب بينهما قضاء لحق الحكمة مثل ما ترى في الفصل بالفاء الذي هو حرف رخو لكسر الشيء من غير أن يبين، والقصم بالقاف الذي هو حرف شديد لكسر الشيء حتى يبين، وفي الثلم بالميم الذي هو حرف خفيف ما يبنى لخلل في الجدار والثلب بالباء الذي هو حرف شديد للخلل في العرض. وفي الزفير بالفاء لصوت الحمار والزئير بالهمز الذي هو شديد لصوت الأسد وما شاكل ذلك وأن للتركيب كالفعلان والفعلى بتحريك العين منهما مثل النزوان والحيدي وفعل مثل شرف وغير ذلك خواص أيضا فيلزم فيها ما يلزم في الحروف، وفي ذلك نوع تأثير لا نفس الكلم في اختصاصها بالمعاني هذا والحق بعد إما التوقيف والإلهام قولا بأن المخصص هو تعالى، وإما الوضع والإصطلاح قولا بإسناد التخصيص على العقلاء والمرجع بالآخرة فيهما أمر واحد وهو الوضع لكن الواضع إما الله عز وجل وإما غيره والوضع عبارة عن تعيين