أهلكناها " في موضع أردنا هلاكها بقرينة " أنهم لا يرجعون " أي عن معاصيهم للخذلان، ومنه " ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون " أي أردنا إهلاكها، إذ معنى الآية كل قرية أردنا إهلاكها لم يؤمن أحد منهم أفهؤلاء يؤمنون. وما أدل نظم الكلام على الوعيد بالإهلاك. أما ترى الإنكار في أفهم يؤمنون لا يقع في المحز إلا بتقدير ونحن على أن نهلكهم، وإنما حملت الامتناع عما ذكرت على ضيق العطن لأنه متى جرى فيما هو أبعد جريا مستفيضا يكاد يريك من إذا تكلم بخلافه كمن صلى لغير قبلة، أليس كل أحد يقول للحفار ضيق فم الركية، وعليه فقس والتضييق كما يشهد له عقلك الراجح هو التغيير من السعة على الضيق ولا سعة هناك إنما الذي هناك هو مجرد تجويز أن الحفار التوسعة فينزل مجوز مراده منزلة الواقع ثم يأمره بتغييره على الضيق، أما يجب أن يكون في الأقرب أجرى وأجرى وأمثال ذلك مما تعدى الكلمة بمعونة القرينة عن معناها الأصلي على غيره لتعلق بينهما بوجه قويا كان أو ضعيفاً واضحاً أو خفياً، وللتعلق بين الصارف عن فعل الشيء وبين الداعي على تركه يحتمل عندي أن يكون منعك في قوله علت كلمته " ما منعك أن لا تسجد " مرادا به ما دعاك على أن لا تسجد وأن يكون لا غير قرينة للمجاز، ونظيره ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعن "