مع نصب قرينة مانعة عن إرادة الهيكل المخصوص به كيرمي أو يتكلم في الحمام، أو أن يكون عندك وجه جميل وأنت تريد أن تلحق وضوحه وإشراقه وملاحة استدارته بما للبدر فتدعيه بدرا بإطلاق اسمه عليه مع إفراده في الذكر قائلا نظرت على بدر يبتسم، أو أن يكون عندك عالم وأنت تريد إلحاق كثرة فوائده بعد ما جرت العادة على تشبيه فوائد العلماء بالفرائد بكثرة فرائد البحر فتدعيه بحرا سالكا في ذلك المسلك المعهود، أو أن تريد إلحاق عدل عادل في إباء التفاوت بالميزان أو بالقسطاس في ذلك فتدخله في جنس الميزان أو القسطاس قائلا ميزان أميرنا أو قسطاسه لا يقبل التفاوت، ومن الأمثلة استعارة اسم أحد الضدين أو النقيضين للآخر بواسطة انتزاع شبه التضاد وإلحاقه بشبه التناسب بطريق التهكم أو التمليح على ما سبق في باب التشبيه، ثم ادعاء أحدهما من جنس الآخر والإفراد بالذكر ونصب القرينة كقولك إن فلانا تواترت عليه البشارات بقتله ونهب أمواله وسبي أولاده، ويخص هذا النوع باسم الاستعارة التهكمية أو التمليحية.
واعلم أن قرينة الاستعارة ربما كانت معنى واحداً كالذي رأيت في الأمثلة المذكورة وربما كانت معاني مربوطا بعضها ببعض كما في قوله:
وصاعقة من نصله تنكفي بها ... على أرؤس الأقران خمس سحائب
انظر حين أراد استعارة السحائب لا نأمل يمين الممدوح تفريعا على ما جرت به العادة من تشبيه الجواد بالبحر الفياض تارة وبالسحاب