النفس عن التلبس بذاك معرضا الإعراض الكلي عن المعاودة لسلوك سبيل الغي وركوب مراكب الجهل فقال: وعرى أفراس الصبا ورواحله أي ما بقيت آلة من آلاتها المحتاج إليها في الركوب والارتكاب قائمة كأيما نوع فرضت من الأنواع حرقة أو غيرها متى وطنت النفس على اجتنابه ورفع القلب رأسا عن دق بابه وقطع العزم عن معاودة ارتكابه فيقل العناية بحفظ ما قوام ذلك النوع به من الآلات والأدوات فترى يد التعطيل تستولي عليها فتهلك وتضيع شيئاً ف شيئاً حتى لا تكاد تجد في أدنى مدة أثرا منها ولا عثيرا فبقيت لذلك معراة لا آلة ولا أداة، فحق قوله أفراس الصبا ورواحله أن يعد استعارة تخييلية لما يسبق على الفهم ويتبادر على الخاطر من تنزيل أفراس الصبا ورواحله منزلة أنياب المنية ومخالبها، وإن كان يحتمل احتمالا بالتكلف أن تجعل الأفراس والرواحل عبارة عن دواعي النفوس وشهواتها والقوى الحاصلة لها في استيفاء اللذات أو عن الأسباب التي قلما تتآخذ في اتباع الغي وجر أذيال البطالة إلا أوان الصبا، وكذلك علت كلمته " فأذاقها الله لباس الجوع " الظاهر من اللباس عند أصحابنا الحمل على التخييل وإن كان يحتمل عندي أن يحمل على التحقيق، وهو أن يستعار لما يلبسه الإنسان عند جوعه من انتقاع اللون ورثاثة الهيئة.
القسم الرابع: في الاستعارة بالكناية هي كما عرفت أن تذكر المشبه وتريد به المشبه به دالا على ذلك بنصب قرينة تنصبها، وهي أن تنسب إلهة