أن لا يكون لكل من هذه الأفعال فاعل في التقدير إذا أنت أسندت الفعل إليه وجدت الحكم واقعاً في مكانه الأصلي عند العقل ولكن حكم العقل فيها فأيما شيء ارتضى بصحة استنادها فهو ذاك فإذا ارتضى في سرتني رؤيتك صحة استناد السرور على من رزقك رؤيته وأباحها لك وهو الله عز وجل فقل أصل الكلام سرني الله وقت رؤيتك كما تقول في أنبت الربيع البقل أصل الحكم أنبت الله البقل وقت الربيع وفي شفى الطبيب المريض أصل الحكم شفى الله المريض عند علاج الطبيب وإذا ارتضى في أقدمني بلدك حق لي على فلان صحة استناد أقدمني على نفسك على معنى أقدمني نفسي لأجل حق لي على فلان أي قدمت لذلك كما تصرح بذلك فتقول حملتني نفسي على الطاعة أي أطعت. وحاصله يرجع على معنى أقدمني قدرتي على القدوم والداعي إليه الخالص فالفعل في وجوده لا يحتاج إلا على قادر ذي داع له إليه خالص ونظيره محبتك جاءت بي إليك الأصل جاءت بي نفسي إليك لمحبتك أي جئت لمحبتك ووجد المجيء إليك من نفسي لمحبتك وإياك والظن بأقدمني بلدك حق لي على فلان وبمحبتك جاءت بي إليك كونهما حقيقيتين فالفعلان فيهما مسندان كما ترى على مجرد الداعي والعقل لا يقبل الداعي فاعلا، وإنما يقبله محركا للفاعل أعني للمتصف بالقدرة، وتمام تحقيق هذا المعنى يستدعي نوعا من العلوم غير نوع علم البيان فليقتنع بهذا القدر، وإذا ارتضى في:
وصيرني هواك وبي ... لحيني يضرب المثل
صحة استناد صير على الله تعالى على معنى أهلكني الله ابتلاء بسبب اتباعي هواك وإذا ارتضى في: