للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يقل يظل قصدا على زمان له مزيد اختصاص بالفواحش وهو الليل وقول ابن هانئ

فما جاز جود ولا حل دونه ... ولكن يصير الجود حيث يصير

فإنه أراد أن يجمع الجود لا على سبيل التصريح ويثبته للممدوح لا على سبيل التصريح أيضا فعمد على نفس الجود فنفى أن يكون متوزعا يقوم منه جزء بهذا وجزء بذاك فنكر الجود قصدا على فرد من أفراد الحقيقة ونفى أن يجوز ممدوحه فقال فما جازه جود بالتنكير كما نرى تنبيها بذلك على أن لو جازه لكان قائما بمحل هناك لامتناع قيامه بنفسه، ثم لمثل هذا قال ولا حل دونه كناية بذلك عن عدم توزعه وتقسمه ثم خصصه من بعد بجهة تلك الجهة لممدوحه بعد أن عرفه باللام الاستغراقية فقال ولكن يصير الجود حيث يصير كناية عن ثبوته له، ومنه قولهم مجلس فلان مظنة الجود والكرم، وقد يظن أن ههنا قسما رابعا، وهو أن يكون المطلوب بالكناية الوصف والتخصيص معا مثل ما يقال يكثر الرماد في ساحة عمرو في الكناية عن أن عمراً مضياف فليس بذاك إذ ليس ما ذكر بكناية واحدة بل هما كنايتان وانتقال من لازمين على ملزومين أحد اللازمين كثرة الرماد والثاني تقييدها وهو قولك في ساحة عمرو.

واعلم أن الكناية في القسم الثاني والثالث تارة تكون مسوقة لأجل الموصوف المذكور كما تقول فلان يصلي ويزكي وتتوصل بذلك على أنه مؤمن وفلان يلبس الغيار وتريد أنه يهودي وكالأمثلة المذكورة، وتارة تكون مسوقة لأجل موصوف غير مذكور كما تقول

<<  <   >  >>