للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصويرا لاقتداره العظيم، وإن السموات والأرض وهذه الأجرام العظام تابعة لإرادته إيجادا وإعداما ولمشيئته فيها تغييرا وتبديلا كأنهما عقلاء مميزون وقد عرفوه حق معرفته وأحاطوا علما بوجوب الانقياد لأمره والإذعان لحكمه وتحتم بذل المجهود عليهم في تحصيل مراده وتصوروا مزيد اقتداره فعظمت مهابته في نفوسهم وضربت سرادقها في أفنية ضمائرهم، فكما يلوح لهم إشارته كان المشار إليه مقدماً، وكما يرد عليهم أمره كان المأمور به متمما لا تلقي لإشارته بغير الإمضاء والانقياد ولا لأمره بغير الإذعان والامتثال، ثم بنى على تشبيه هذا نظم الكلام فقال جل وعلا، قيل على سبيل المجاز عن الإرادة الواقع بسببها قول القائل وجعل قرينة المجاز الخطاب للجماد وهو يا أرض ويا سماء ثم قال كما ترى يا أرض ويا سماء مخاطبا لهما على سبيل الاستعارة للشبه المذكور ثم استعار لغؤور الماء في الأرض البلع الذي هو إعمال الجاذبة في المطعوم للشبه بينهما وهو الذهاب على مقر خفي، ثم استعار الماء للغذاء استعارة بالكناية تشبيها له بالغذاء لتقوي الأرض بالماء في الإنبات للزروع والأشجار تقوي الآكل بالطعام وجعل قرينة الاستعارة لفظة ابلعي لكونها موضوعة للاستعمال في الغذاء دون الماء، ثم أمر على سبيل الاستعارة للشبه المقدم ذكره وخاطب في الأمر ترشحا لاستعارة النداء، ثم قال ماءك بإضافة الماء على الأرض على سبيل المجاز تشبيها لاتصال الماء بالأرض باتصال الملك بالمالك واختار ضمير الخطاب لأجل الترشيح، ثم اختار لاحتباس المطر الإقلاع الذي هو ترك الفاعل الفعل للشبه بينهما في عدم ما كان، ثم أمر على سبيل الاستعارة وخاطب في الأمر قائلاً أقلعي لمثل ما تقدم في أبلعي ثم قال " وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي " وقيل بعد افلم يصرح

<<  <   >  >>