والذي اقتضى عندي هذا هو أن الغرض الأقدم من علم الأدب لما كان هو الاحتراز عند الخطأ في كلام العرب وأردت أن أحصل هذا الغرض وأنت تعلم أن تحصيل الممكن لك لا يتأتى بدون معرفة جهات التحصيل واستعمالها لا جرم أنا حاولنا أن نتلو عليك في أربعة الأنواع مذيلة بأنواع أخر مما لا بد من معرفته في غرضك لتقف عليه ثم الاستعمال بيدك، وإنما أغنت هذه لأن مثارات الخطأ إذا تصفحتها ثلاثة المفرد والتأليف وكون المركب مطابقاً لما يجب أن يتكلم له، وهذه الأنواع بعد علم اللغة هي المرجوع إليها في كفاية ذلك ما لم يتخط على النظم، فعلما الصرف والنحو يرجع إليهما في المفرد والتأليف، ويرجع على علمي المعاني والبيان في الأخير، ولما كان علم الصرف هو المرجوع إليه في المفرد أو فيما هو في حكم المفرد والنحو بالعكس من ذلك كما ستقف عليه وأنت تعلم أن المفرد متقدم على أن يؤلف وطباق المؤلف للمعنى متأخر عن نفس التأليف لا جرم أنا قدمنا البعض على هذا الوجه وضعا لنؤثر ترتباً استحقته طبعاً.
وهذا حين أن نشرع في الكتاب فنقول وبالله التوفيق:
القسم الأول
[علم الصرف]
أما: القسم الأول من الكتاب فمشتمل على ثلاثة فصول الأول: في بيان حقيقة علم الصرف والتنبيه على ما يحتاج إليه في تحقيقها. الثاني: في كيفية الوصول إليه. الثالث: في بيان كونه كافياً لما علق به من الغرض، وقبل أن نندفع على سوق هذه الفصول فلنذكر شيئاً لا بد منه في ضبط الحديث فيما نحن بصدده وهو الكشف عن معنى الكلمة وأنواعها.