الموزون، وأنه أمر لابد منه جار من الموزون مجرى كونه مسموعا ومؤلفا وغير ذلك فحقه ترك التعرض ولق صدق. ومن اعتبر المقفى قال: الموزون قد يقع وصفا للكلام إذا سلم عن عيبي قصور وتطويل فلابد من ذكر التقفية تفرقة، لكن وصف الكلام بالوزن للغرض المذكور لا يطلق، وأقام بعضهم مقام الكلام اللفظ الدال على المعنى ولابد على المعنى ولابد لمن يتكلم بأصول النحو من ذلك مع زيادة، وهي أن تكون الدلالة بوساطة الوضع على ما يذكر في حد الكلمة وإلا لزم إذا قلت مثلا:
ألا أن رأى الأشعري أبي الحسن ... ومتبعيه في القبيح وفي الحسن
وإن كان منسوبا على الجهل عن قلى ... لرأي حقيق بالتأمل فاعلمن
أن لا يعد البيت الأول شعرا لكونه غير كلام بأصول النحو مع كونه شعرا من غير شبهة ولا الثاني وحده. ثم اختلف فيه فعند جماعة أن لابد فيه من أن يكون وزنه لتعمد صاحبه إياه، والمراد بتعمد الوزن هو أن يقصد الوزن ابتداء ثم يتكلم مراعيا جانبه لا أن يقصد المتكلم المعنى وتأديته بكلمات لائقة من حيث الفصاحة في تركيب لتلك الكلمات توجيه البلاغة، فيستتبع ذلك كون الكلام موزونا، أو أن يقصد المعنى ويتكلم بحكم العادة على مجرى كلام الأوساط فيتفق أن يأتي موزونا، وعند آخرين أن ذاك ليس بواجب لكن يلزمه أن يعد كل لافظ في الدنيا شاعرا إذ ما من لافظ إن تتبعت إلا وجدت في ألفاظه ما يكون على الوزن، أو ما ترى إذا قيل لباذنجاني بكم تبع ألف باذنجانة فقال أبيعها بعشرة عدليات كيف تجد القولين على الوزن، أو إذا قيل لنجار هل تم ذاك الكرسي فقال نعم فرغت منه