وكان المعنى ذلك العذاب أو ذلك العقاب كان بسبب أن غيروا الإيمان على الكفر فغير الله الحكم بل كانوا كفارا قبل بعثة الرسل وبعدهم وإنما كان تغير حالهم أنهم كانوا قبل بعث الرسل كفارا فحسب وبعد بعثة الرسل صاروا كفارا مكذبين فبناء هذه الآية على قوله " ذلك بأن الله لم يك مغيرا " اقتضى لفظة كذبوا بآيات ربهم، وما اختيار لفظ الرب على الله فلأنه صريح في معنى النعمة فلما غيروا بتضاعف الكفر وهو التكذيب اقتضى التصريح بما يفيد زيادة التشنيع، وأما الحكاية في فأهلكناهم فللتفنن في الكلام ولئلا يخلو عما هو أصل الكلام. ومنها أنهم يقولون أدنى درجات كون الكلام معجزا أن لا يكون معيبا وقرآنكم معيب فأنى يكون صالحا للإعجاز، ويقولون في الآيات المتشابهة قدروا أنها تستحسن فيما بين البلغاء لمجازاتها واستعاراتها وتلويحاتها وإيماآتها وغير ذلك وكن جهاتها في الحسن هناك إذا استتبعت مضادة المطلوب بتنزيله إغواء الخلق بدل الإرشاد أفلا يكون هذا عيبا واستتباعها للإغواء ظاهر وذلك أنكم تقولون أن القرآن كلام مع الثقلين وتعلمون أن فيهم المحق والمبطل والذكي والغبي فيقولوا إذا سمع المجسم " الرحمن على العرش استوى
" أليس يتخذه عكازة يعتمد عليها في باطله فينقلب الإرشاد المطلوب به معونة في الغواية ومددا للضلال ونصرة للباطل، وكذا غير المجسم إذا صادف ما يوافق بظاهره باطله فيقال لمثل هذا القائل حبك الشيء يعمي ويصم، أليس إذا أخذ المجسم يستدل به لمذهبه، فقيل له لعل الله كذب يقول: كيف يجوز أن يكذب الله تعالى فيقال لحاجة من الحاجات تدعوه على الكذب فيقول: كيف تجوز الحاجة على الله تعالى فيقال له، أليس الله بجسم عندك وهل من جسم لا حاجة له فيتنبه لخطئه ويعود ألطف إرشاد وأبلغ هداية كما ترى هذا في حق المبطل. وأما المحق فمتى سمعه دعاه على النظر فأخذ في اكتساب المثوبة بنظره ثم إذا لم يف نظره دعاه على العلماء فيتسبب ذلك لفوائد لا تعد ولا تحد. ومنها أنهم يقولون لا شبهة في أن التكرار شيء معيب خلا عن الفائدة وفي القرآن من التكرار ما شئت ويعدون قصة فرعون ونظائرها ونحو " فبأي آلاء ربكما تكذبان " وويل يومئذ للمكذبين " وغير ذلك مما ينخرط في هذا السلك فيقال لهم: أما إعادة المعنى بصياغات مختلفة فما أجهلكم في عدها تكرارا وعدها من عيوب الكلام: أليس يتخذه عكازة يعتمد عليها في باطله فينقلب الإرشاد المطلوب به معونة في الغواية ومددا للضلال ونصرة للباطل، وكذا غير المجسم إذا صادف ما يوافق بظاهره باطله فيقال لمثل هذا القائل حبك الشيء يعمي ويصم، أليس إذا أخذ المجسم يستدل به لمذهبه، فقيل له لعل الله كذب يقول: كيف