اعلم أن الصرف هو تتبع اعتبارات الواضع في وضعه من جهة المناسبات والأقيسة ونعني بالاعتبارات وافرضها على أن تتحقق أنه أولاً جنس المعاني ثم قصد لجنس جنس منها معيناً بإزاء كل من ذلك طائفة طائفة من الحروف ثم قصد لتنويع الأجناس شيئاً ف شيئاً متصرفاً في تلك الطوائف بالتقديم والتأخير والزيادة فيها بعد أو النقصان منها مما هو كاللازم للتنويع وتكثير الأمثلة ومن التبديل لبعض تلك الحروف لغيره لعارض وهكذا عند تركيب تلك الحروف من قصد هيئة ابتداء ثم تغيرها شيئاً ف شيئاً ولعلك تستبعد هذه الاعتبارات إذ ليس طريق معرفتها عندك لكن لا يخفى عليك أن وضع اللغة ليس إلا تحصيل أشياء منتشرة تحت الضبط فإذا أمعنت فيه النظر وجدت شأن الواضع أقرب شيء من شأن المستوفي الحاذق وانك لتعلم ما يصنع في باب الضبط فيزل عنك الاستبعاً د ثم انك ستقف على جلية الأمر فيه مما يتلى عليك عن قريب.