للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والألم، ومعنى المرارة، ومعنى الحلاوة، وإدراك معنى الإنسان، ومعنى الكاتب.

فإدراك كل مفرد مما ذكرنا ونحوه -أي فهم المعنى المراد به ذلك المفرد- من غير تعرضٍ لإثبات شيء له ولا لنفيه عنه هو المسمى في الاصطلاح بعلم التصور، وهو تفعُّل من الصورة، فكأن صورة المفرد تنطبع في الذهن؛ لإدراك المتصوِّر لها معناها.

والإدراك في الاصطلاح هو: "وصول النفس إلى المعنى بتمامه"، فإن وصلت إليه لا بتمامه فهو المسمى في الاصطلاح بالشعور.

وأما علم التصديق فهو "إثبات أمر لأمر بالفعل"، أو نفيه عنه بالفعل، وتقريبه للذهن أنه هو المسمى في اصطلاح البلاغيين بالإسناد الخبري، وفي اصطلاح النحويين بالجملة الاسمية التي هي المبتدأ والخبر، أو الفعليةِ التي هي الفعل والفاعل، أو الفعل ونائب الفاعل.

فلو قلت مثلًا: (الكاتب إنسان)، فإدراكك معنى (الكاتب) فقط علم تصور، وإدراكك معنى (الإنسان) فقط علم تصور، وإدراكك كونَ الإنسان كاتبًا بالفعل، أو ليس كاتبًا بالفعل، هو المسمى بالتصديق.

وإنما سمي تصديقًا لأنه خبر، والخبر بالنظر إلى مجرد ذاته يحتمل التصديق والتكذيب، فسمَّوه تصديقًا؛ بأشرف الاحتمالين.

وكونُ التصديق -الذي هو إدراك وقوع نسبة بالفعل أو عدمِ وقوعها بالفعل- من أنواع العلم هو قول الجمهور، وهو الحق. وقد تركنا ذكر ما خالفه وإبطاله لأجل الاختصار.