للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أنه لا يمكن إدراك نسبة وقوع الأمر أو عدم وقوعها فعلًا إلا بأربعة تصورات هي:

الأول: تصور المحكوم عليه الذي هو الموضوع.

الثاني: تصور المحكوم به الذي هو المحمول.

الثالث: تصور النسبة الحُكْمية التي هي مَوْرد الإيجاب والسلب من غير حكم بوقوعها ولا عدم وقوعها، كما يقع من الشاكّ في قيام زيد، فإنه يتصور معنى زيد، ويتصور معنى القيام، ويتصور معنى نسبة القيام إلى زيد مع أنه شاكٌّ في وقوعها، فليس متصوّرًا لوقوعها ولا لعدم وقوعها، فإن تصوّرَ وقوعَها بالفعل أو عدمَ وقوعها بالفعل فهو التصديق.

وجمهورهم يقول: إن التصديق بسيط، وهو التصور الرابع وحده، والثلاثة قبله شروط فيه.

وقال الرازي (١): التصديق مركب. يعني أنه مركب من أربعة تصورات، فهو عنده مجموع التصورات الأربعة.

والقولان متفقان على أنه لا بد قبلَه من ثلاثة تصورات؛ إلا أن من يقولُ هو بسيط يقول: توقفه على التصورات الثلاثة من توقف الماهية على شرطها، ومن يقول هو مركب يقول: هو من توقف الماهية على أركانها التي هي أجزاؤها.


(١) فخر الدين، محمد بن عمر بن الحسين القرشي، توفي سنة ٦٠٦ هـ، انظر سير أعلام النبلاء (٢١/ ٥٠٠).