للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعُلم أن كل تصديق تصور، وليس كلُ تصور تصديقا.

واعلم أن الموضوع في اصطلاح المنطقيين هو المعروف في المعاني بالمسند إليه، وفي النحو بالمبتدأ، أو الفاعل والنائب عن الفاعل.

والمحمول (١) في اصطلاحهم هو المعروف في المعاني بالمسند، وفي النحو بالخبر، أو الفعل.

وإنما سمي الموضوع موضوعًا لأن المحمول صفة من صفات الموضوع، أو فعل من أفعاله، والصفة لا بد لها من موصوف، والفعل لا بد له من فاعل، فالأساس الذي وضع لإمكان إثبات الصفات أو نفيها هو المحكوم عليه، ولذا سمي موضوعًا، كالأساس للبنيان.

وسُمّي الآخر محمولًا لأنه كسقف البنيان، لا بد له من أساس يبنى عليه.

فلو قلت: زيد عالم، أو زيد ضارب، فالعلم صفة زيد، والضرب فعله، ولا تمكنُ صفةٌ بدون موصوف، ولا فعل بدون فاعل، فصار المحكوم عليه كأنه وضع أساسًا للحكم، فسمي موضوعا، وسمي ما يسند إليه من صفات وأفعال محمولًا؛ لأنها لا تقوم بنفسها، فلا بد لها من أساس تُحمل عليه.

وإذا عرفتَ المراد بالتصور والتصديق، وأن كلًّا منهما يكون


(١) انظر للأهمية ما سيذكره المؤلف عن الموضوع والمحمول ص ٨٣.