للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إيضاح القرآن بالقرآن" والعلم عند الله -تعالى-.

تنبيه: اعلم أنا مثلنا للدليل على حدوث العالم بالأمثلة التي رأيت ومرادنا فهمُ قواعد الأدلة، مع علمنا بكثرة مناقشة الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم من طوائف أهل الكلام، واختلاف طرقهم في إثبات حدوث العالم عقلا، ومناقشةِ القائلين بقدم الهيولى -التي هي مواد الأشياء وأصولُها- في حدوث (١) العالم، وكذلك مناقشة أرسطاطاليس (٢) وأتباعه في ذلك بادعاء قدم الأفلاك، فلم نطل هنا الكلام بمناقشاتهم وبيات الباطل منها؛ وكلامُنا في هذه المذكرة مع المسلمين، وكلُ مسلم يقنعه إقناعًا كاملا أن تقول له: كل العالم مخلوق لدخوله في عموم قوله -تعالى-: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ} [الزمر: ٦٢] وكل مخلوق فهو حادث، ينتج: كل العالم حادث، مع أن قوله -تعالى-: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ} [الزمر: ٦٢] يغني عن دليل مركب يدل على ذلك، فلو اقتضت الحال أن يكون كلامنا مع غير المسلمين لاضطُررنا إلى بيان فساد الفاسد من تلك المناظرات وتصحيح الصحيح منها عن طريق المناظرة الصحيحة، المستندِ فيها العقلُ إلى الوحي الصحيح، ولا يتسع هذا المقام لذلك، ونرجو الله التوفيق للصواب، وحسبنا ونعم الوكيل.


(١) الجار والمجرور هنا متعلقان بقوله قبلهما: (ومناقشة).
(٢) أرسطوطاليس بن نيقوماخس الجراسني، وتفسير أرسطوطاليس: تام الفضيلة، أعظم فلاسفة اليونان، ومعلمهم الأول، وواضع المنطق، عاش ما بين ٣٨٤ - ٣٢٢ قبل الميلاد، انظر عنه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" لابن أبي أصيبعة (١/ ٨٤).