للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقول الحنفي: لا نسلّم حكم الأصل، وهو أن جلد الكلب لا يطهر بالدباغ، بل هو يطهر به عندي.

ومثال منع وجود ما يدعيه علة في الأصل قول الشَّافعي والحنبلي: من قال (إن تزوجت فلانة فهي طالق) ثم تزوجها لم يلزمه طلاق؛ قياسًا على قوله (فلانة التي أتزوجها طالق) بجامع أن كلا منهما تعليقُ طلاقِ أجنبية، فالأصل المقيس عليه (فلانة التي أتزوجها طالق)، والفرع المقيس (إن تزوجت فلانة فهي طالق)، والحكم هو عدم لزوم الطلاق بعد التزويج، والعلة عند صاحب الدليل هي تعليق طلاق الأجنبية.

فيقول المعترض كالمالكي والحنفي: الوصف الذي تدعي أنَّه علة الحكم وهو تعليق طلاق الأجنبية ليس موجودًا أصلًا في الأصل المقيس عليه؛ لأن الأصل الذي هو (فلانة التي أتزوجها طالق) تنجيز طلاقٍ أجنبية، وهي لا يتنجز عليها الطلاق، والتعليق الذي زعمته علة ليس موجودًا أصلًا، ولذا ليس في الصيغة أداةُ تعليق في الأصل.

وهذا النوع الذي هو منع وجود ما يدعيه علة في الأصل هو المعروف بمركب الوصف.

والحاصل في حكم هذه المسألة أن الأئمة الأربعةَ وغيرَهم من فقهاء الامصار متفقون أن الطلاق لا يقع إلَّا بعد النكاح؛ لأن الله رتبه عليه بثُمّ في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩]، الآية، فإن قال (إن تزوجت فلانة فهي طالق) ثم تزوجها فالمالكي والحنفي يقولان بلزوم الطلاق؛ لأنه ما وقع إلَّا بعد النكاح، فقد راعيا وقت نفوذ الطلاق، وهي وقتَ نفوذِه زوجة.