للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد استوى بشرٌ على العراقِ ... من غير سيف ودم مهراقِ (١)

فقالوا قد (استوى بشر على العراق) معناه: قد استولى عليه، وإذًا فمعنى {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}: ثم استولى عليه.

ونحن نقول في هذا: أيها المستدلُ ببيت الرجز هذا على أن الاستواء معناه الاستيلاء، ألم تخش الله، ألم تستحي من خالق السموات والأرض -جل وعلا- استحياء يمنعك من أن تُشَبّه استيلاءه على عرشه الذي زعمت باستيلاء بشر على العراق؟ وهل يعقل في الدنيا تشبيه أشنعُ من تشبيه استيلاء الله على عرشه باستيلاء بشر بن مروان على العراق؟ ! .

فاعلم أيها الخلفي أن هذا التشبيه الذي جئتَ به في الاستيلاء الذي زعمتَ والبيتِ الذي استدللتَ به أنك به أنت أعظمُ المشبهين نصيبًا في التشبيه لصفات الخالق بصفات خلقه، وبأي دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو عقل سوّغتَ لنفسك أن تشبه استيلاء الله على عرشه الذي زعمت باستيلاء بشر بن مروان على العراق؟ .

ثم اعلم أيها الخلفي أن الاستيلاءَ الذي جئتَ به من تلقاء نفسك من غير اعتماد على وحي سماوي أنه أشدُّ الصفات توغلا في التشبيه؛ لأن فيه تشبيهَه -تعالى- في استيلائه على عرشه بكل مخلوق قهَر مخلوقًا فغلبه واستولى عليه، وهذا يستلزم من أنواع التشبيه بحورًا لا


(١) يُنسب للأخطل النصراني، انظر ديوانه: ص ٥٥٧، دار الفكر المعاصر ١٤١٦ هـ.