للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سواحل لها.

ولا شك أنك ستضطر أيها الخلفي إلى أن تقول: هذا الاستيلاء الذي فسرتُ به [استواءَه] (١) منزهٌ عن مشابهة استيلاء المخلوقين.

ونحن نسألك ونطلب منك الجواب بالحق الخالي من التعصبات التي تُعمي العقلاءَ وتُصِمُّهم: أيهما أحقُ بالتنزيه عن مشابهة صفات الخلق: الاستواء الذي أثنى الله به على نفسه في سبع آيات من كتابه، وأنزل به الروحَ الأمينَ على سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - قرآنًا يُتلى متعبدًا بلفظه، كلُ حرف منه عشرُ حسنات لقارئه، ويُقرأ به في الصلاة، ومن أنكر أنه من القرآن كفر بإجماع المسلمين، أم الأحق بالتنزيه عن مشابهة صفات المخلوقين هو الاستيلاء الذي جئتم به من تلقاء أنفسكم، من غير أن يدل عليه كتاب ولا سنة البتة بوجه من الوجوه؟

والظاهر أنك ستضطر إلى أن تقول: إن كلام رب العالمين أحق بالتنزيه من كلام جاء به ناس من تلقاء أنفسهم من غير استناد إلى دليل من نقل ولا عقل، إلا إذا كنت مكابرًا، والمكابر لا داعي للكلام معه.

وهذا الذي ذكرنا في الاستواء جارٍ في جميع الصفات الثابتة في الكتاب والسنة، كما قدمنا أن إيضاح مثال واحد منها كافٍ في إيضاح الجميع.

{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيهَا وَمَا أَنَا


(١) في المطبوع: (استواء).