يصح فيه الاشتقاق والتصريف إلى الماضي والمستقبل واسم الفاعل واسم المفعول، واللفظ الآخر لا يصح فيه ذلك، فيكون الأول هو الحقيقة، والثاني هو المجاز؛ لأن تصريف اللفظ يدل على قوته وأصالته، وعدم تصريفه يدل على ضعفه وفرعيته، فلفظ " الأمر " يطلق على الطلب مثل: " اُدخل "، ويطلق على " الفعل " كقوله تعالى: (وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)، فوجدنا العرب يصرفون الأمر الذي بمعنى الطلب فيقولون: أمر يأمر أمراً فهو مأمور، وهو: آمر، في حين أنهم لا يقولون ذلك في الأمر بمعنى الفعل.
الطريق الرابع: صحة نفي المجاز؛ حيث يصح أن يقال لمن سمي من الناس حماراً لبلادته: إنه ليس بحمار، ولكن لا يصح أن يقال: إنه ليس بإنسان في نفس الأمر؛ لأنه حقيقة فيه.
الطريق الخامس: الاطراد وعدمه، فالمطرد هو الحقيقة، وغير المطرد هو المجاز، كتسمية الرجل الطويل نخلة فهذا مجاز؛ لأنه لا يطرد؛ حيث لا يسمى كل طويل من شجر أو عصا ونحو ذلك بالنخلة.
الطريق السادس: إطلاق اللفظ على المستحيل يُعلم به أن هذا الإطلاق مجاز كقوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)، فإن السؤال بالنسبة إلى القرية مستحيل عادة.
* * *
المسألة التاسعة:
إذا دار اللفظ المتجرد عن القرائن بين الحقيقة والمجاز فإنه يحمل على الحقيقة، ولا يكون مجملاً ومشتركاً بين المعنيين، لأننا لو رأينا كل لفظ احتمل أن يكون حقيقة وأن يكون مجازاً وجعلناه مجملاً، للزم من ذلك أمران باطلان.