أولهما: بقاء كثير من ألفاظ الكتاب والسنة بدون أن يعمل بها، فيفضي ذلك إلى عدم الاستفادة منها؛ لأن حكم المجمل هو التوقف حتى يأتي دليل يرجح أحد المعاني، وهذا يؤدي إلى تعطيل كثير من النصوص بلا عمل، وهذا ظاهر البطلان.
ثانيهما: اختلال واضطراب مقصود الوضع اللغوي، أي: لا نفهم من أي لفظة أي معنى مقصود مما يؤدي إلى عدم تفاهم الناس في مخاطباتهم.
وعلى هذا لا يمكن صرف اللفظ إلى المجاز إلا بقرينة.
* * *
المسألة العاشرة:
إذا غلب المجاز في استعمال الناس أي: تعارف الناس واعتادوا على التخاطب بالمجاز دون الحقيقة، وانتشر ذلك بينهم: فإن اللفظ يحمل على المجاز، وتكون الحقيقة كالمتروكة المنسية التي لا تنقدح في أذهان المتخاطبين.
فلو قال شخص:" رأيت راوية "، أو قال:" رأيت غائطا "، أو قال:" وطئت زوجتي "، فإنه ينقدح في أذهان الناس أن المقصود بالأول هو:" وعاء الماء "، وفي الثاني: الشيء المستقذر الخارج من الإنسان، وفي الثالث: الجماع.
ولا تنقدح في أذهانهم الحقيقة وهي في الأول: الجمل الذي يستقى عليه، وفي الثاني: المكان المطمئن المنخفض من الأرض، وفي الثالث: الوطء بالرجل.
ففي هذه الأمثلة صارت الحقيقة منسية متروكة، والمجاز معروفاً سابقاً إلى الفهم، ولا يمكن صرفه إلى الحقيقة إلا بدليل.