الأمر له صيغة موضوعة لغة له، وتدل عليه حقيقة، أي: بدون قرينة، كدلالة سائر الألفاظ الحقيقية على موضوعاتها ومعانيها، وهي: صيغة فعل الأمر: " افعل "، مثل:" أخرج "، والمضارع المجزوم بلام الأمر كقولك:" ليفعل "، واسم فعل الأمر كقوله تعالى:(عَليكم أَنفُسَكُم)، والمصدر النائب عن فعله كقوله تعالى:(فَضَرْبَ الرِّقَابِ).
وإنما خصصنا صيغة " افعل " بالذكر؛ نظراً لكثرة دورانها في الكلام.
وقلنا: إن للأمر صيغة قد وضعت له وهي: " افعل "؛ لأن العرب قد وضعوا لما لا يُحتاج إليه كثيراً أسماء كالأسد، والهر، والخمر، فمن باب أولى أن يضَعوا صيغة للأمر تدل عليه، وذلك لأن الحاجة داعية إلى معرفة الأمر، لكثرة مخاطبات الناس عن طريقه، حيث لا يمكن أن يتخاطبوا بغير صيغة، فدل هذا على أنهم وضعوا له صيغة هي:" افعل ".
ولأن السيد لو قال لعبده:" اسقني ماء " فلم يسقه، فإنه يستحق عند عقلاء أهل اللغة الذم والتوبيخ، فلو لم تكن هذه الصيغة موضوعة للأمر لما استحق ذلك.
وبناء على ذلك: فإنه إذا ورد لفظ: " افعل " في الكتاب والسنة فإنه ظاهر؛ حيث إنه له معنيان هما: إفادته للأمر " و " عدم إفادته له " ويرجح الأول، وهو إفادته للأمر بدون قرينة، ويعمل