للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ذلك.

* * *

المسألة الرابعة:

الأمر ليس بحقيقة في الفعل أي: أنه إذا فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعلاً فلا يدل هذا على أن المفعول مأمور به حقيقة، لوجود فرق بين الأمر والفعل من وجوده هي كما يلي:

الوجه الأول: أن الأمر هو: الاستدعاء بالقول على وجه الاستعلاء كما سبق، ولا يقال ذلك في الفعل، وإن قيل في الفعل تعريف الأمر السابق فإنه يحتاج إلى دليل يعتمد عليه، فيكون الأمر حقيقة في القول المخصوص لعدم الحاجة إلى دليل في ذلك.

الوجه الثاني: إن الآمر بالقول يقال له إنه آمر، أما فاعل الفعل فإنه لا يقال له إنه آمر بذلك الفعل.

الوجه الثالث: أن الفعل يصح نفي الأمر عنه، فتقول: " فعل ذلك ولم يأمر به "، ولكن لا يجوز قول ذلك في الأمر بالقول، فلا يقال: " أمر بذلك ولم يأمر به "؛ لأنه يلزم منه التناقض.

وبناء على ذلك: فإنه إذا فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعلاً أمام الصحابة رضي الله عنهم، فإن هذا الفعل ليس بأمر لهم بأن يفعلوا مثله على الوجوب، أو على الندب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يفعل الشيء وهو له خاصة، وقد يفعله على جهة النفل والفضل

<<  <   >  >>