الحادي عشر: التهديد، كقول السيد لعبده:" لا تفعل اليوم شيئا ".
* * *
المسألة الرابعة:
صيغة النهي وهي:" لا تفعل "، إذا تجردت عن القرائن فإنها تقتضي التحريم حقيقة، ولا تحمل على غيره من المعاني السابقة إلا بقرينة؛ لإجماع الصحابة والتابعين؛ حيث كانوا يستدلون على تحريم الشيء بصيغة " لا تفعل " فيقولون: حرم القتل؛ لقوله تعالى:(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) وحرم الزنا، لقوله تعالى:(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا) ونحو ذلك، فقد كانوا ينتهون عن ذلك بمجرد سماعهم لتلك الصيغة، ويعاقبون من يفعل المنهي عنه، واستدلالهم على التحريم، وانتهائهم عن المنهي عنه، ومعاقبتهم لمن يفعل المنهي عنه دليل واضح على أن الصيغة حقيقة في التحريم، فإذا استعملت في غيره: كان ذلك مجازاً.
وبناء على ذلك: فإن النهي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يبع بعضكم على بيع بعض "، يقتضي التحريم ابتداء، ولا يصرف عنه إلى غيره إلا بقرينة.