مثاله: قوله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، فالحكم المنطوق به صراحة هو: أن نفقة الوالدات من رزق وكسوة واجبة على الاباء، فهذا هو المتبادر من صريح اللفظ، ولكن الآية دلت بالالتزام على أن النسب يكون للأب، لا للأم، وعلى أن نفقة الولد على الأب، دون الأم.
* * *
المسألة الثالثة:
ينقسم المنطوق غير الصريح إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: اقتضاء النص، وهي دلالة الاقتضاء، وهي: دلالة اللفظ على معنى لازم مقصود للمتكلم يتوقف عليه صدق الكلام، أو صحته العقلية، أو صحته الشرعية، وهذا القسم أنواع:
النوع لأول: ما يتوقف عليه صدق الكلام، أي: ما وجب تقديره ضرورة صدق الكلام، فلولا تقديره لكان الكلام كذباً ومخالفاً للواقع والحقيقة.
مثاله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "، فإن ظاهر هذا يدل على أن الخطأ والنسيان والإكراه قد وضع عن الأمة أو أنها لا تقع فيها، وهذا غير صحيح، حيث إنه لا يطابق الواقع، حيث إنه يقع من الأمة الخطأ والنسيان والإكراه؛ لأن الأمة ليست معصومة.
وما دام أن الرسول لا يخبر إلا صدقاً فلا بد إذن - لأجل أن يكون الكلام صدقاً - من تقدير محذوف، فتعين أن نقدر شيئاً زائداً عن الذي استفدناه عن طريق العبارة، وهو:" الإثم " فيكون تقدير الكلام بعد هذا: " رفع عن أمتي إثم الخطأ، وإثم النسيان، وإثم ما استكرهوا عليه ".