للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا صيام لمن لم يبيِّت الصيام من الليل "، والمقصود: " لا صيام صحيح "، فلا بد من تقدير ذلك؛ لأن صورة الصيام تقع.

النوع الثاني: ما توقف عليه صحة الكلام شرعاً، أي: ما وجب تقديره ضرورة تصحيح الكلام شرعاً، فتمتنع صحة الملفوظ به شرعاً بدون ذلك المقدَّر.

مثاله: قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، فظاهر هذا يدل على أن المسافر يصوم عدة من أيام أخر مطلقاً، أي: سواء صام في سفره أو لم يصم، ولكن الشرع دل على أن المسافر إذا أفطر في سفره فعليه القضاء في أيام أخر، أما إذا صام في سفره فلا موجب للقضاء عليه، لذلك وجب أن نقدر شيئاً لأجل تصحيح الكلام شرعاً فنقول: " أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر ".

النوع الثالث: ما توقف عليه صحة الكلام عقلاً، أي: ما وجب تقديره لتصحيح الكلام من جهة العقل، فيمتنع وجود الملفوظ عقلاً بدون ذلك المقدر.

مثاله: قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) فإن العقل يمنع من إضافة التحريم إلى ذات الأمهات، فوجب إضمار فعل يتعلق به الحكم وهو هنا: " الوطء "؛ نظراً إلى أن العقل يقتضيه فيكون التقدير: حرم وطء أمهاتكم، كذلك قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)، والمقصود: أكل الميتة، وقولك: " حرمت عليك هذه الدار " أي: دخولها.

القسم الثاني: إيماء النص، وهو دلالة الإيماء، وهي: دلالة اللفظ على لازم مقصود للمتكلم لا يتوقف عليه صدق الكلام ولا صحته عقلاً أو شرعاً، في حين أن الحكم المقترن بوصف لو لم

<<  <   >  >>