للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكن للتعليل لكان اقترانه به غير مقبول ولا مستساغ، فذكر الحكم مقروناً بوصف مناسب يفهم منه أن علة ذلك الحكم هو ذلك الوصف.

مثاله قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)، فالشارع هنا قد أومأ إلى أن علة قطع اليد هي: السرقة.

كذلك قوله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)).

إيماء أن هؤلاء ما صاروا في النعيم إلا لبرهم، وهؤلاء ما صاروا في الجحيم إلا لفجورهم.

ودلالة الإيماء تتنوع إلى أنواع كثيرة، وهو من مسالك العلة، وسيأتي الكلام عنها في القياس إن شاء الله.

القسم الثالث: إشارة النص، وهي دلالة الإشارة وهي: دلالة اللفظ على لازم غير مقصود من اللفظ، لا يتوقف عليه صدق الكلام ولا صحته.

أي: ما يتبع اللفظ من غير تجريد قصد إليه، فكما أن المتكلم قد يفهم بإشارته وحركته في أثناء كلامه ما لا يدل عليه نفس اللفظ فيسمى إشارة، فكذلك قد يتبع اللفظ ما لم يقصد به، ويبنى عليه.

مثاله: قوله تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)، فقد دل هذا مع قوله تعالى: (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر بدلالة الإشارة.

وهذا الحكم غير مقصود من لفظ الآيتين، بل المقصود من الآية الأولى هو: بيان حق الوالدة، لما تقاسيه من الآلام في الحمل وفي الفصال، والمقصود من الثانية هو: بيان أكثر مدة الفصال، ولكن لزم منهما: أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهذه دلالة إشارة.

<<  <   >  >>