مع قوله تعالى:(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) ويكون خبطاً في كلام الشارع واضطراباً فيه؛ فلم يبق إلا أن يكون النهي عن البيع في وقت محدد، وهو وقت كونه شاغلاً عن السعي للجمعة.
النوع العاشر: أن يذكر الشارع مع الحكم وصفاً مناسباً لأن يكون علة لذلك الحكم، كقوله تعالى:(إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤))، وقولك:" أكرم العلماء وأهن الفساق ". فعلة جعل الأبرار في النعيم هي: البر، وعلة جعل الفجار في الجحيم هي: الفجور، وعلة إكرام العلماء هو: العلم، وعلة إهانة الفساق هي: الفسوق.
وهذا النوع إما أن تكون العلة هي نفس الوصف مثل الأمثلة السابقة.
أو تكون العلة: ما تضمنه الوصف واشتمل عليه، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان ". فقد نهى الشارع عن القضاء مع الغضب، والعلة ليست هي نفس الوصف - وهو الغضب - ولكن العلة ما تضمنه الوصف وهي: الدهشة المانعة من تركيز الفكر التي تضمنها وصف الغضب، لأنا لما علمنا. أن الغضب اليسير الذي لا يمنع من استيفاء الفكر ولا يشوش عليه لا يمنع من القضاء، وأن الجوع المبرح والألم الشديد ومدافعة الأخبثين يمنع من استيفاء الفكر وتركيزه، علمنا أن علة المنع من القضاء ليست هي الغضب، بل تشويش الفكر.