وهو قريب من مسلك السبر والتقسيم، إلا أن تنقيح المناط خاص في الأوصاف التي دل عليها ظاهر النص، وهي محصورة بواسطة هذا الظاهر، بخلاف السبر والتقسيم فإنه خاص في الأوصاف المستنبطة الصالحة للعلية.
مثال تنقيح المناط: حديث الأعرابي، وهو: أنه قد أتى أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت يا رسول الله، قال:" ما لك؟ "، قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال:" اعتق رقبة ".
فقد أشار النص إلى أوصاف وهي:" كون المواقع أعرابيا " و " كون الموطوءة زوجته " و " كون الوقاع حصل في رمضان خاص " و " كون الوقاع حصل في رمضان من مكلف " و " كونه أفسد صوماً محترماً "، فحذف المجتهد جميع هذه الصفات بالأدلة إلا وصفاً واحداً وهو:" كونه مكلفاً واقَع في نهار رمضان " فعلل الحكم بهذا الوصف.
وُيفرق بين تحقيق المناط، وتنقيح المناط، وتخريج المناط: بأن تحقيق المناط هو: أن المجتهد قد تحقق من وجود العلة والمناط في الأصل، ولكنه يجتهد من تحقق وجودها في الفرع. فوظيفة المجتهد هنا سهلة؛ حيث إن علة الأصل موجودة في الأصل، ولكنه يتأكد فقط من وجودها في الفرع بنوع اجتهاد.
مثاله: الاجتهاد في القبلة؛ حيث إن استقبال القبلة معلوم بالنص، ولكن لو اختلطت عليه القبلة في صحراء فإنه يجتهد فيها.