على أن العلة في تحريم العصير إنما هي السكر، وقلنا ذلك لأن الدوران يفيد العلية في الأمور العادية والمألوفة، فلو أن زيداً قد دخل فرأينا عمراً قد قام فلما خرج زيد جلس عمرو وتكرر ذلك فإنه يغلب على ظننا: أن العلة في قيام عمرو هي: دخول زيد، فإذا كان الأمر كذلك في الأمور العادية فإنه يفيد ظن العلية في غيرها؛ لعدم الفارق.
المسلك التاسع: الوصف الشبهي وهو: الوصف الذي لم تظهر فيه المناسبة بعد البحث التام عنها ممن هو أهله، ولكن ألف من الشارع الالتفات إليه في بعض الأحكام.
ولبيان ذلك لا بد من تقسيم الوصف إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الوصف المناسب، وهو: الوصف الذي ظهرت فيه المناسبة - بعد البحث التام - كالإسكار أو القتل العمد العدوان ونحو ذلك، وهذا يُعتبر طريقاً من طرق إثبات العلة كما سبق بيانه.
القسم الثاني: الوصف الطردي، وهو: الوصف الذي لم تظهر فيه المناسبة، ولم يؤْلَف من الشارع الالتفات إليه في شيء من الأحكام كالطول، والقصر، والسواد، والبياض، كقول القائل في طهارة الكلب: حيوان مألوف له شعر كالصوف فكان طاهراً كالخروف، فهذا لا يعتبر ولا يصلح دليلاً على صحة العلة؛ لأن تلك الأوصاف طردية لا مناسبة بينها وبين الحكم الشرعي؛ حيث إن الشارع لم يُعهد عنه أنه التفت إليها، أو علَّل بها، فلا يغلب