للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووصل معهم من بعض أهل المدينة الشريفة أوراق فيها إخبار بأنّ الحاج الشام الشامي تعرّض له بعض شيوخ بني لام (١) ويقال له جغيمان (٢) قريب بلد العُلا ووقعت (٣) بينهما محاربة ثم اصطلحوا على ثلاثة آلاف دينار، وقيل ثلاثين ألفا يدفعونها (٤) له عوض ضرره في السنين الماضية. وكان طلب منهم ذلك في مجيئهم فلم يدفعوها، فخاط الناس في ذلك وماطوا وزادوا ونقصوا، فالله تعالى لا يّحقق ذلك ويكتب سلامتهم.

وفي يوم الأربعاء سادس عشر الشهر سافر قفل إلى ينبع وامتاروا من مكة سمنًا كثيرًا فطلع السعر بها كل رطل بأربعة محلقة وربع، وصار لا يوجد في السوق وذلك من عدم الْتِفاتِ الحكّام لهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وسافر صحبتهم جماعة من أهل مكة للسفر إلى القاهرة بحرا لتَعَبهم من جهة غلُو الأقوات، فالله تعالى يرخيها.

وفي يوم الجمعة ثامن عشر الشهر وصل إلى مكة الخبر بأن ثلاثة جلاب من القصير دخلوا بندر جدة فيها حب فنزل السعر بها كل ربعية إلى ثلاثة محلقة ونصف، والإردب باثني عشر أشرفيًا، وبيع الحب بمكة، المصرية الربعية بأربعة محلقة بعد أن بلغت خمسة، والدخن بخمسة محلقة بعد أن بلغ ستة، وكذا غيرهما من الحبوب، فالله تعالى يزيد من رخص الأسعار، فإن الناس هلكوا من غلائها.


(١) بنو لام: من القبائل التي كانت تعترض الحاج الشامي فلا يتمكنون من الحج إلّا بعد أن يأخذ بنو لام "علوفتهم" وهي أموال يأخذونها حتى يسمحوا للحاج بالمرور. انظر أخبارهم مثلا في كتاب غاية المرام للعز بن فهد وهي كثيرة انظر فهارس الكتاب؛ الجزيري: الدرر الفرائد ص ١٣٧٥.
(٢) بالأصل: جنغمان، وهو خطأ، ففي المصادر الكثيرة ورد اسمه "جغيمان" وهو رئيس قبيلة بني لام المذكورة أعلاه. عُرف جغيمان بقطع الطريق على الحجيج، وتصدى له أمير الشام مرارًا. انظر أخباره في مفاكهة الخلان لابن طولون ٢: ٩١، ٩٦، ٩٧، ١٠٤.
(٣) بالأصل: وقع.
(٤) بالأصل: يدفعوها.