للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجهّز من ليلته وصلّي عليه بعد صلاة الصبح من ثاني تاريخه. وتبعه خلق من الفقهاء، ودفن بالمعلاة بتربة أسلافه وشَمتَ به كثير من الناس لحِدّة لسانه وقوة نظمه وبيانه. وخلّفَ صبيين صغيرين (١) وثلاث بنات إحداهن شقيقة الصبيين التي ماتت أمّهم قبله بشهر في حادي عشريْ صفر في هذه السنة، واثنتان أمهاتهما شتى إحداهما وجِعة. وأشيع أن القاضي الشافعي ختم على بيته بسبب الأولاد ولم يصبّح ولم تُعمَل له ربعة ولا نُصبت على قبره خيمة، وذلك لعدم احتفال مَن خلفه مِن أمّه وأخويه علي ومحمد. فالله تعالى يرحمه ويعفو عنه. وقبْله كان للمسجد الحرام به جمال الحسن صوته ومعرفته بالأوقات والميقات والنظم والنثر، ولم يخلفه بعد موته مثله.

وفي ظهر يوم الجمعة ثالث عشريْ الشهر وُلد الولد محب الدين أبو حامد محمد ابن القاضي أبي السرور ابن قاضي القضاة نور الدين علي بن أبي الليث بن الضياء الحنفي القرشي، وأمّه فاطمة ابنة الخطيب جمال الدين محمد ابن الخطيب أبي بكر العقيلي النويري في بيت جدّته زينب ابنة الخطيب محب الدين النويري بالشبيكة. وعُملتْ له زلابية فُرقتْ على قليل من الناس مع وجع والده، عافاه الله تعالى.

وفي يوم تاريخه وصل الخبر إلى مكة أن ثمانية جلاب مشحونة حبًا وصلتْ إلى جدة من القصير (٢) وجلبتان من سواكن، وفي جلاب القصير القاضي بدر الدين بن ظهيرة أخو (٣) قاضي القضاة الشافعي ومعه مرسوم من ملك الأمراء نائب الديار المصرية لأخيه يسأله في نيابته للحكم بمكة. وأخبر أنّ القصير فيها حبٌ كثير


(١) بالأصل: صغارًا.
(٢) القصير: ميناء بصعيد مصر بين عيذاب وقوص. ياقوت: معجم البلدان ٤: ٣٦٧.
(٣) بالأصل: أخي.