للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثلها، ومقدارها نحو من ستين ألف دينار غالبُها لأهل مكة والباقي لأهل المدينة الشريفة. وسمعنا أن غالبها قماش ولاك ونيل (١)، ويعطي للمقررين ما قُرر لهم وللشريف خمسة آلاف وربطة قماش، والباقي يُبْنَى بها مدرسة بمكة المشرفة ويُجْعل فيها حضور عشرة أنفس كل واحد باثني عشر أشرفية وشيخهم إمام الحنفية، وتدريس لفقه الحنفية يباشره قاضيهم وغير ذلك مما لا يُتحقق، فالله تعالى يتقبل منه ذلك ويجزيه عليه الجزاء العظيم في الدنيا والآخرة. فإن ذلك وقع به عند أهل الحرمين موقعا كبيرا، لما هم فيه من ضيق (٢) الحال لغلو الأقوات واستمراره مدة طويلة.

وفي ليلة الأربعاء رابع الشهر دخل الجمال محمد ابن الشيخ فخر الدين أبي بكر ابن سليمان الشيخ المكي على زوجته البكر المراهق ابنة الشيخ العلامة بدر الدين محمد ابن أحمد الجناحي (٣) المالكي الأزهري نزيل مكة في بيت والدها. وبرز في صباحه ولم يُهنِه أحدٌ لاختياره لذلك. فالله تعالى يجعل كلًا منهما مباركًا على صاحبه. ومما قدره الله تعالى عليهما عدم الالفة والمنافع، فأقاما في خصام نحو الشهرين ثم تفارقا، فالله تعالى يُغنيهما من سعة فضله، ويعوض كلًا منهما خيرًا.

وفي يوم السبت سابع الشهر ابتُدئ في تفرقة حب صدقة السلطان (٤) الأشرف قايتباي على أهل رباطه بمكة، الواصلة بحرًا في عام تاريخه ولها سنين منقطعة، جملته


(١) النيل: نوع من البهار يؤتى به من الهند والعراق. انظر مفاكهة الخلان لابن طولون ٢: ١٠٢، وربما كان المقصود هنا الأوراق التي تستخرج منها النيلة الصابغة باللون الأزرق.
(٢) بالأصل: ضيع.
(٣) ورد هذا الاسم في الأصل غير معجم.
(٤) بالأصل: الصدقة السلطان.