فتركه عنده وذهب ثم طُولِبَ به فأنكره، فاشتكى ابن الحموي الشاهد عند نائب جدة فأحضره وأراد ضربه فأخبره بقضيته مع القاضي المالكي، فأرسل إليه قواسًا فأحضره وسأله عن المستند فأنكر وتكلّم على الشاهد وقال: مثل هذا يصدق عليّ وهو عدوي وابن عبدوي؟ فأرسل الأمير إلى القاضي الشافعي وأخبره بالقضية فقال: ما جرّبْنا على الشاهد كذبًا، وتلزم القاضي المالكي يمين أنه ما أخذ المستند، فحلّف الأمير القاضي في المجلس أنه ما أخذه ولا رآه فحلف بذلك، فقال الشاهد كان أخذه للمستند بحضرة الشهابي أحمد بن بربس العطار والده … (١) هو فأرسل الأمير إليه رسالة عن ذلك، فقال: كنتُ الرسول بينهما في طلبه فحينئذ سبّ الأمير القاضي المالكي، ثم استشهد الشاهد بعبد المدّعي وهو معتوق فقال: أخذه القاضي وطالبتُه به مرارًا ووعدني به ثم أنكره. فحينئذ سبّ الأمير القاضي سبًّا فاحشًا وتهدده بالترسيم والعزل وقال الشاهبندر وكان حاضر المجلس: اليسق العثماني مَن كذب وخان يُعزل، ولعمري إنّ هذا هو الشرع، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وعند ذلك قال الشيخ نور الدين البيسقي شيخ الفراشين بمكة وهو في المجلس يمكن إعادة كتابة المستند ويؤخذ عليه خط القاضي والشهود فأمر الأمير بكتابة المستند فأحْضر الشاهد نسخة أخرى نظيرة المستند المفقود ليس عليها خط الشهود، فقال الأمير يؤخذ عليها خطهم وانفضّ المجلس على ذلك. وتشوّش الأخيار من هذه الفعلة القبيحة والوقيعة الشنيعة التي تصمّ عنها الآذان، وتنكرها قلوب أهل النظر والعميان، فالله المستعان، وعليه التكلان.
وفي ضحى يوم تاريخه مات الفخري أبو بكر ابن الخواجا جمال الدين محمد بن بسطام العجمي التبريزي الأصل المكي فجهّز في يومه وصلّي عليه بعد صلاة العصر