القاضي جمال الدين محمد بن محب الدين بن عبد الحي القيوم بن ظهيرة، فتوجّه به إلى نائب جدة وقرأه عليه ففرح بذلك لكونه اتفق له مع القاضي المفصول القاضي بها الشهابي ابن ناصر خصام في يوم تاريخه وغلق القاضي بابه، وكان فألًا عليه. وشمت به كثير من أعدائه، لطيشه وشدّة مرائه.
وفي فجر يوم الخميس سادس عشري الشهر ولدت للسيد أبي بكر بن الحسين القبيباتي الدمشقي ابنة سماها رقية وأمّها كمالية ابنة شيخنا قاضي الحرمين نجم الدين محمد بن يعقوب المالكي - رحمه الله تعالى - وصانها ولم يرض بها لكونها بنتا، فالله تعالى يعوّضه عقبها ذكرا ويُنشئها ويبارك له فيها.
وفي عشاء ليلة الجمعة ثاني تاريخه وصل إلى مكة السيد الشريف زين الدين بركات بن محمد الحسني محرما بعمرة كعادته من وادي مر، فطاف وسعى بعد صلاة العشاء.
وفي صباحها توجّه الأعيان للسلام عليه منهم قاضياها الشافعيان (١) المتولي والمفصول وتقدم ثانيهما بالسلام وأراد الانصراف فأمره الشريف بالجلوس فقعد ساعة ثم وصل خصمه مرسومه فقرئ بحضرة الشريف وجماعة من الأعيان القضاة والفقهاء فقال القاضي المفصول النوري ابن ناصر: ليس لي في ذلك دافع ولا مطعن مع أنّ الشرع لا يعزل القاضي إلّا بجنحة ولا يجوز السعي عليه إلّا إذا وُجِدت الجنحة. فقال له الشريف: هذه عادة الدولة المصرية وغيرك عُزل بلا سبب، فقال: الأمور بيد الله تعالى وأنا وظيفتي العلم ولا أعْزَل عنه، وبلغني التهديد لي ولأولادي ونحن إذا وجدنا التشويش بمكة خرجنا منها إلى بلد يحصل لنا العزّ فيها. فقال له الشريف: لا تخرج منها إلّا إلى الله، يعني بذلك الموت. فقال له القاضي