إني فوّضتُ إلى مولانا قاضي المسلمين محب الدين بن ظهيرة قضاء مكة وجدة والتحدث على المسجد الحرام على ما كان عليه عمّه شيخ الإسلام المرحوم صلاح الدين بن ظهيرة حسب ما أذن لي في ذلك ملك الأمراء نائب الديار المصرية خائر بك المظفري. يعلم ذلك كل واقف عليه". وكتب الشريف لقاضي جدة الجمالي محمد تفويض الحكم بجدة مثلها.
وأقاموا في القرية ثلاثة أيام وعيّنوا قاصدا لإرساله بكتب الشريف لأجل السعي في الوظائف للقاضي محب الدين بن ظهيرة وجعلوا له مبلغًا على ذلك. وعادوا إلى مكة فوصلوها في ليلة الأربعاء سادس الشهر فتوجّه غالب الفقهاء للسلام عليهم وتهنئة القاضي محب الدين بتفويض الشريف إليه الحكم وباشر ذلك في يومه، وبطل عمله الحكم (١) من يوم مات مستنيبهم القاضي وتألموا لفعل الشريف وتفويضه الحكم لأصغرهم. وهو حقيق بذلك لما اشتمل عليه من المحاسن كالعقل والدين والحشمة والفضل والأدب، زاده الله خيرًا.
وفي ظهر يوم الثلاثاء خامس الشهر مات الفقيه العلامة المدرس مفتي المسلمين بقية السلف الصالحين جمال الدين يوسف بن الصديق بن الناصر اليمني الشافعي القرشي بلده القادم في عام تاريخه بحرا لأجل الحج، ولم يدركه بعد توعكه أربعة أيام، وكان صلّى الجمعة الماضية واغتسل لها فحصل له خدور في أعضائه ثم نزل على قلبه فثقُل لسانه، وأمره بعض الحكماء بالفصد ثم الحقنة في أول وجعه ففعل ذلك ثم زال عنه ألَمُه ثم عاد إليه وقضى نحبه. فحضر ابن أخ له فجهّزه وصُلّي عليه بعد صلاة الصبح ودُفن بالشعب الأقصى من المعلاة في تربة الشيخ عبد الله باكثير الحضرمي، نفع الله به، فحزن الناس عليه كثيرًا وتألموا لموته فإنه فتح درسًا في المسجد